الضــــياء للإعـــــــلام السيــــــاحي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الضــــياء للإعـــــــلام السيــــــاحي

فضاء يُعنى بالإعلام السياحي في تونس ...منتديات مفتوحة للتواصل والتآخي والابداع


    رحلة الى كوكب "الإنسجــان"

    avatar
    المتفائل


    عدد المساهمات : 2
    تاريخ التسجيل : 23/12/2013
    العمر : 65
    الموقع : بنزرت

    رحلة الى كوكب "الإنسجــان" Empty رحلة الى كوكب "الإنسجــان"

    مُساهمة  المتفائل الأربعاء ديسمبر 25, 2013 4:23 am


    هناك في مكان ما ،،، بعيدا بعيدا في الفضاء ،، موطن يغمره الماء ، كوكب جميل في كبد السماء ،،، تأملته ، أعجبت به ، ناجيته ، تفطّن لوجودي ، أبتسم لي ، دعاني اليه ،،، فاستجبت سريعا ولبّيت النداء ،،
    انتقلت اليه في خفّة دون عناء ، سافرت له ، هربت إليه ، احتميت فيه ،،، قل ما شئت فالمهم أنني إنتقلت اليه رغبة في عطلة ممتعة أنشد فيها الراحة والإستجمام ، بعيدا عن شرّ البشر بعد الأرض عن السماء ،،،
    إنطلقت رحلتي داخل بالونة أمدّني بها كوكبي المضيف ، مجرّد بالونة شفافة تطير في الهواء ... لبثت داخلها يوما أو بعض يوم أو هكذا خيّل لي ، كنت في غفلة أو شبه غفوة ثمّ استفقت على حالة من الطرب والنشوة حيث ألفيت ذاتي في عالم سحري ،،، عبر فضاء سرمدي ، في موطن يغمره ماء نقي ، سمّيته الكوكب الدرّي.
    عشت أياما وليالي لست أدري أكانت حقيقة أو نسج من خيالي ، عشت بعيدا عنكم يا أهل الأرض ، هروبا من شرّ البشر وتلبية لناء خفي من أهالي كوكب الصّفاء ، موطن الماء الزلال ..


    حطّت البالونة على صفحات الماء ، سمعت غمغمة كأنها غناء ، تكلّم الصوت وقال لي بلسان عربي مبين : "افتضّها يا سيدي على بركة الله" ، فوكزت جدارها وكزة خفيفة بسبّابتي متمتما "بإسم الله" فإذا مفعولها كطعنة رمح ، انطلق صفير وزفير زادني طربا وانتشاء ، ولمّا استفرغ منها الهواء صارت كمثل زورق حملني حيث أشاء ... بعد طوافي بأرجاء المكان ومعاينتي للموقع من مختلف الزوايا والأبعاد اتضح انه كوكب يشبه أرضكم ، بل يتطابق من حيث الشكل والمساحة والتضاريس والمناخ ،،، كوكب تعمّره مخلوقات ،، فيه القطط والكلاب والنعاج وكذلك الأرانب والخرفان والأبقار ، فيه الجمال والحمير والنّعام ، فيه الذّئاب والذّباب ، فيه جميع أنواع العصافير والأسماك وكذلك الأسود والنّمور وطبعا فيه الصقور الكرام ، كما رأيت أعشاشا خاوية كانت للبوم والغربان ... أمّا العباد وان كانوا يشبهوننا فإنهم ليسوا من الإنس ولا هم من الجان ، لذلك سمّيتهم "الإنسجان" ...

    لا أسمي رحلتي هروبا إنما هي الحرب ، كرّ وفرّ ... إن العدّاء إذا ما تراجع للوراء خطوات فإنه يستجمع القوة الدافعة الى الأمام ،،، وحيث إقتضت خطتي الحربية ضد الفساد أن أصعد الى أعالي السماء لأنهل من ينبوع طاهر وأختلط مع أرواح الأشراف من الإنس والجان ثمّ أقفز بعزيمة الصقور الى هذه الأرض الطيبة لأطهرها من البوم والغربان ،،، وإن ما قصدته بالهروب هو ما قد يفاجأ به المرء عندما يصدم في افكاره ومعتقداته التي آمن بها وكافح من اجلها دهرا ، ثم يكتشف بعد فوات الأوان انه قد آمن بفكر غير مجدي وباشخاص وقيادات لا تستحق منه التأييد . إن صدمتي في الأشخاص بذاتهم لم تكن لها قوة ولم أشعر لها بوزن ولا تأثير لأني كنت ولا أزال من المقتنعين الى حدّ الإيمان بأن قوى الشرّ لدى البشر قد أصبحت جليّة للعيان ، وإن حاولوا إخفاءها ، وأن التكالب على المادة قد أضحى سمة العصر كتكالب رجال المال وروّاد الأسواق من سماسرة القيم والأخلاق ـ

    وأما إذا اعتبرنا الصدمة بمعنى تدافع وتصادم الناس بعضهم ببعض ، فذاك ما ذكره ربّ العزة في القرآن بحيث إن صراعي مع اشخاص أمثال هؤولاء تطلب مني مجهودا ماديا وأدبيا وفكريا كبيرا وتضحية غير يسيرة . وأقر بأن قوة الصدمة لم تكن هيّنة ،واجتياز خطورتها لم يكن بالأمر السهل ، لكن العبرة بالنتائج فأنا واقف والشرير أمامي طريح صريع على الأرض ، لقد انتصر الحق وزهق الباطل بفضل الحرز المانع الأكبر استشعرت فيه بتخطّي الأزمة وتجاوز الأحداث بأقل ما يمكن من الخسارة في الضحايا والأموال ـ
    إن كفاحي على مدى 25 سنة وما يزال قد سخرته للتمييز بين الخييرين والأشرار من الكبار والصغار في السن وفي المقام ، أستعمل لإبراز طينتهم جميع وسائل الإثبات والطرق "الجناتية" ، حتى لا أقول الجهنمية ، كإستعمال المهادنة والمراودة والمراوغة و"المنافقة " كلّ حسب ما تتطلبه الوصفة العلاجية ـ هنا أحاول التوضيح لأصدقاء عرفوني في مرحلة صياغة سنفونية التوديع لحكام طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد

    قاطع كلامي إنسي جني لئيم وخبيث وماكر يدعى "أحمداح" لخص فكرتي بالقول : " لو دامت لغيرك لما آلت اليك ... " ثمّ ضحك وهو يتهادى يتمطّى يتمايل : هــــااااـا هـيييي هوووـو وانصرف مسرعا كأنه يرقص ، فضحكت هههههههـااااااااااـا وقلت في نفسي لو سمعها " زين العابديز لهجر نهدي ليليان الفارعين المتنطعين بدلا من هجرة الأوطان ... وعلى ذكر الأوطان : نموت نموت ويحي الوطن ـ ـ ـ
    هنا علقت "كوثريان" : ـ وبعدين معاك يا استاذ جلالج ، علني يا رب افهمك صح ، إن غربة النفس اقسى بكثير من غربة الاوطان .
    فكان ردّي : أرجوك حاولي أنت أن تفهميني فإذا فهمتيني فهّميني ... كنا جنبا الى جنب على أريكتين من زلال ، سألتني فجأة بصيغة الأمر : من أنت ؟ ماذا تصنع ؟ ماذا تقول ؟ كانت تريد أن تفهم بسرعة ، أن تستعجل الأمور ، أن تستقصي معاني كلامي ومراميه فزدتها حيرة وغموضا عندما حاولت التوضيح اذ قلت بعفوية : ـ " أنا ذاك الطفل الصغير ، ألاعب أفكاري وأداعبها بالعبارات لعلها ترومني ، أقدم لها الكلمة الجميلة طعما طعمه حلو المذاق ، طمعا مني في استدراجها لكنها تنجذب إليّ أحيانا ثمّ تهجرني ـ ـ ـ أغيّر الطعم والطعم واستبدل الكلمة بالكلمة فتراودني الفكرة كأنها نغمة تأخذني الى عالم تسميه أستاذتي إبداعا وكثيرا ما سميته قدري ... قدري أن أعيش بين متعة تجميل الكلمة وتزويق العبارة حتى اذا استوت أهديتها حلالا طيبا لمن تستهويه أفكاري ـ

    من شدة حبي لبلدي تونس الخضراء ، ومن باب الفضول وحب الإطلاع على أحوال أهل نظيرتها في الكوكب الدّري ، قصدت موقعها وشددت إليها الرحال ونزلت بين أفراد شعبها سائلا عن اسم المكان فقيل لي إنك في "تـونسيآن" ـ ثم سألت عن إسم مخاطبي فقال إنه يدعى "سميرس " ونظرت الى مرافقته فأجابتني مبتسمة قبل السؤال بأنها تدعى "جميليان" وأن نظيرتها على أرضكم إسمها "جميلة" ، ثم أفهمتني أن أسماء الذكور عندهم هي نفس اسمائنا على الأرض لكنهاتنتهي بالحرف الأول من كل إسم والإيناث تنتهي بالياء والألف والنون ، فصبري يدعى "صبريص" وشوقي "شوقيش" واسم خديجة يصبح عندهم "خديجيان" ودليلة "دليليان" وكوثر "كوثريان" وهكذا بالقياس تعلمت الأسماء كلها وبدأت معهم سلسلة من الحوارات واستمعت منهم الى الكثير من النصائح والإرشادات ونقلت لكم عنهم عدّة مقترحات وتوصيات ـ

    إعترضتني صدفة سيدة فاضلة تدعى "كوثريان" ،، أحيت في أعماقي رغبة جامحة لممارسة لعبة الكتابة في السياسة والكياسة ،، سأقطف لكم من كلّ بستان زهرة فوّاحة ، سأحدثكم عن الدين والدنيا ، أروي لكم مشاهداتي من رؤى المنام ، أقص عليكم أحلام اليقضة ، أسوق لكم نوادر عن الإقتصاد والإغتصاب العالمي الجديد مسايرة لواقعنا العربي المجنون واستنباطا لحقيقة وجود الإنس المنسي والجان المخفي ولا عصمة لي من السهو والنسيان أو جبلّة التمرد والعصيان إنّما سأحكي لكم بلسان حال إنسان من الأرض خالط مخلوقات "الإنسجان" هناك بعيدا بعيدا في الفضاء ، في كوكب غلافه ماء ، بحاره هواء ، سكّانه مخلوقات مثلنا ، كائنات حية تشبهنا ، خلقها الله سبحانه جلّ في علاه لتكون بمثابة جهاز تسجيل يلتقط أفكارنا ، فأنت تنشيء الفكرة ونظيرك يطبقها قبلك لتسجّل عليك سواء فعلتها أم لم تفعّلها ،،، لكم طبعا أن تشكوا في انتمائهم الفعلي الى هذا الكون الرحب الفسيح ،،، لكن كلامي نابع من عقلي الظاهر ومن هذيان عقلي الباطن فاستمعوا له ، لعلّكم تفقهون أحوال القضاء عبر الفضاء وأخبار الأقدار بدون رادار وتفهمون أهمية ترابط الأفكار بين المثقفين الأحرار ، حتى نتعاون على كشف المستور وحلّ الأسرار ،،، أسرار عالم سحري سرمدي كلّما توضحت فيه الرؤى مال الى الغموض والإنكسار وبقدر الضياء يصاب الجهل بالإنحسار ...
    ... (يتبع)

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 9:32 am